دخل المنتخب التونسي الجولة الرابعة على ملعب نواكشوط الاولمبي متحفزا بانطلاقته المثالية في التصفيات و ممنيا النفس بانتصار رابع يواصل به السلسلة الايجابية الرائعة. كعادة مثل هذه المباريات “غير المصيرية” في اغلب طبائعها, قام الناخب الوطني منذر الكبير باراحة بعض اللاعبين و تدوير العناصر لاشراك اكبر عدد ممكن من اللاعبين. لكن هذه المرة لم ينجح المنتخب في زيارة الشباك الموريطانية. المباراة كانت محبطة من الناحية الهجومية و في اشكال منها دفاعيا كذلك. طبعا هذه المقدمة لا تحتوي كل التفاصيل. و بالتالي هذه اهم خمسة استنتاجات يمكن استخلاصها من هذا التعادل السلبي المخيب.
5. تغيير للتشكيل دون تغيير لل”تكتيك”
كما ذكرنا في التقديم, منذر الكبير قام بست تعديلات على التشكيل الذي خاض مباراة ملعب حمادي العقربي برادس. لكن هذه التغييرات لم تبرز اي ديناميكية حقيقية على ارضية الميدان. بل قد يراود المتابع للمباراة خاصة في شوطها الاول انها عطلت نسق المنتخب خاصة من الجهة اليسرى اين لم يبد حمزة رفيعة و علي معلول على اتم التفاهم هجوميا. و لم يتمكن سيف الدين الجزيري من الحصول على كرات كثيرة لغياب نسبي للحركة و التنشيط في وسط الميدان.
في المقابل, لم يكن المنتخب التونسي دفاعيا في احسن الاحوال خصوصا في بداية المباراة. و على مدار اغلب طيات الشوط الاول بدا ارتباك كبير في الخط الخلفي للمنتخب مع تعدد اختراقات المنتخب الموريطاني خاصة من ناحية حمزة المثلوثي على الرواق الايمن. زد على ذلك خسارة الكرة بشكل متكرر في وسط الميدان و بطء بناء الهجمة, ما صعب مهمة الوصول لمرمى بوبكر ديوب.
4. عرضيات بلا جدوى
من النقاط المحيرة فعلا في المباراة, هي كثافة المحاولات الهوائية سواء العرضيات او الكرات الثابتة. طبعا لا يحتاج اي مشاهد لشهادة في الفيزياء الكمية لاستنتاج ان وجود سيف الدين الجزيري في منطقة الجزاء لا يتناسب مع اللعب العرضي.و خاصة مع قامات المدافعين الموريطانيين المحوريين. مع تغييرات الشوط الثاني تحولت وجهة اللعب و اصبح المنتخب يعتمد اكثر على الكرات السلسة الارضية لكن من غير المفهوم لماذا احتاج منذر الكبير لشوط كامل كي يتفطن لهذه النقطة.
منذر الكبير, و بدون اي تجني, لم يظهر الكثير من المرونة التكتيكية منذ توليه مقاليد المنتخب عقب امم افريقيا 2019. لكن بطئه في قراءة سير المباريات و تحديد نقاط ضعف و مشاكل المنتخب مشكلة لا تزال قائمة الذات و بارزة في امثال هذه المباريات اين يستعصي على المنتخب خلق اللعب او اين يكون المنتخب في حالة انكماش و تراجع دفاعي.
3. صعوبة البدايات ترافق المنتخب مرة اخرى
ليس بالمستجد على الراي العام الرياضي التونسي رؤية المنتخب يعاني في اوائل المباريات, و قليلة جدا هي المباريات التي دخلها المنتخب بقوة في حقبة الكبير. فبالتالي لم يكن من المفاجئ رؤية المنتخب التونسي يعاني على مدار العشرين دقيقة الاولى في المباراة من ضغط موريطاني قوي كلل بعدد من المحاولات الخطيرة التي وجدت الدفاع و فاروق بن مصطفى لابعادها في اللحظات الاخيرة. و السؤال يبقى دائما مطروحا; الى متى سيبقى المنتخب بطيئا لدخول المباريات؟ و هل السبب ذهني ام تكتيكي ام بدني؟
ربما هي افكار المدرب التي تبدو متحفظة و متخوفة من جميع المباريات و جميع المنافسين, او هي ثقافة “جس النبض” التي تشربتها الكرة التونسية حتى انحدر مستوى بطولتها المحلية الى الحضيض و قد انعكست على رؤية الكبير للمباريات من الناحية التكتيكية.
2. الشوط الثاني و التفنن في اهدار الفرص
كما ذكر سابقا, اعطت تغييرات الشوط الثاني اكثر حركية للمنتخب و مكنت الفريق من السيطرة اكثر على مجريات المباراة و خلق مجموعة من الفرص للتسجيل ضاع بعضها بطريقة غريبة على غرار كرة فخر الدين بن يوسف في الدقائق الاخيرة اين كان بامكانه تحضير الخزري ليسجل. كذلك العديد من الكرات اين كان بالامكان التعامل بشكل افضل سواء من حيث التمرير او التسديد.
غابت النجاعة و المهارة الفردية لمعظم لاعبي المنتخب, أضف على ذلك تألق الحارس الموريطاني بوبكر ديوب و استماتة المنتخب الموريطاني الذي قدم مباراة مثالية من الناحية الدفاعية استحق من اجلها التعادل. فيمكن القول اجمالا ان المنتخب التونسي اضاع المباراة في فترات و في نفس الحين نجا من خسارتها في فترات اخرى.
- الأعين الان على الدور الحاسم
مباراة المنتخب القادمة هي تحول صعب جدا لملاقاة غينيا الاستوائية خارج الديار, و كما سقط المنتخب في فخ التعادل امام موريطانيا فمن الممكن ان يضيع النقاط الثلاثة امام غينيا الاستوائية. رغم ان المنتخب حسابيا مترشح الا ان انتصارا لغينيا الاستوائية اليوم عوض التعادل الذي حققه امام زامبيا كان بامكانه ان يعقد الامور و ان يضعهم بفارق نقطة واحدة عن منتخبنا.
المبارتين القادمتين في شهر نوفمبر قد تكونان غير مصيريتين,لكن لهما بعد معنوي كبير خاصة قبل لعب الدور الحاسم من اجل انهاء المرحلة الاولى بشكل قوي يعطي دفعة معنوية للاعبين و المدرب و الجمهور الرياضي بصفة عامة, و كذلك لارسال رسائل لبقية المنتخبات التي ستنافس في الدور القادم ان المنتخب التونسي صلب و متماسك و سيلعب ندا لاي منتخب ستضعه معه قرعة الدور المؤهل لكأس العالم.